كتب رئيس التحرير/
يجسد المستشرق المجري Maróth Miklós نموذجاً للمثقف الذي يكرس حياته من أجل صعود الفكر والثقافة في آفاق القضايا الكونية التي تشغل العقل الإنساني.
ولقد اختاره دولة أوربان فيكتور رئيس وزراء المجر ليكون مستشاره للثقافه والعُلوم إضافه الى رئاسته لمعهد إبن سينا للدراسات الشرقية الذي تأسس عام 2002. ويرتاده عدد من الطلاب المهتمين بثقافة الشرق و الذين يتم تأهيلهم للعمل في البلدان العربية والإسلامية.
نهل البرفسور ميكلوش اللغة العربية من معهد اللغات بجامعة بغداد عام 1963. ويشير الى تلك الحقبة بأن الميل لتعلم اللغة العربية كان من منطلق معرفي لكنه أضحى يكتسي الطابع السياسي بعد حرب 1967. إذ تكرست القناعة أنه لايمكن أن نقيم علاقات وشيجه مع العالم العربي دون معرفة اللغة العربية، وقد مثل جيل المهتمين باللغة العربية الأرضية لتوسع الإهتمام بالإستشراق الذي يمتد في التاريخ المجري لقرنين سالفين عندما كان الرحاله Franz von Domba أول مجري يكتب تاريخ المغرب في القرن السابع عشر.
ويرى البرفسور Miklós أن إهتمامات علم الإستشراق المجري إنصبت على القضايا المعرفية ومناحي الثقافة العربية الإسلامية وأن ما ذهب إليه المفكر أدوارد سعيد في كتابه الإستشراق قد يكون صائباً في تقويم الإستشراق البريطاني والفرنسي في تأكيده أن الإستشراق كان سياسه عندما رافق صعوده حملة نابليون على مصر.
في الحديث مع المستشرق Maróth علمنا أن معهد إبن سينا يعد الآن لإصدار قاموس عربي مجري شامل متوجاً جهود إنشاء قواميس متفرقة في هذا المضمار ويؤكد أن المهتمين الأوائل من المجريين بالثقافة العربية والإسلامية إنطلقوا من دوافع معرفية، حتى أن المستشرق Germanus Gyula أعلن إسلامه و بات يعرف بإسم عبدالكريم جرمانوس وألف كتاب (الله وآكبر) الذي يتضمن رحلته إلى الجزيرة العربية في ثلاثينيات القرن المنصرم ولقاءه مع قادة تاريخيين مثل الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية ويشير المستشرق Maróth لدى سؤاله عن وضع العلاقات الثقافية العربية المجرية إلى أنها كانت متقدمة قبل بدء (الربيع العربي) الذي جمد تلك العلاقات ومن المحال فهم ما يجري في العالم العربي دون أرضية حوار ثقافي وتبادل معرفي حيث قادت التطورات السياسية إلى إضعاف تلك الروابط الثقافية.
ولعل الزيارة المقبلة للبرفسور ميكلوش تتيح لنا التعرف على كتابه حول الإسلام والمسلمين الذي سوف نفرد له صفحات نعرف بما يتضمنه من أفكار ورؤى.