في كل عام كان عيد استقلال الجزائر في 5 يوليو/تموز 1962 حدثاً، لأن ثورة الجزائر عاش تفاصيلها كل أبناء الأمّة أنها ثورتهم، وعاشوا نضالاتها يوماً بيوم، وتابعوا بطولاتها ساعة بساعة، وحفظوا أسماء شهدائها القادة والأسرى شهيداً شهيداً، وتحركت جماهير الأمّة كلها انتصاراً لثورة الجزائر التي كان انطلاقها أحد روافد المدّ القومي العربي والإسلامي في الوطن العربي في أواسط خمسينيات القرن الماضي.
لكن الاحتفال في عيد الجزائر اليوم له معنى خاص، ففي “طوفان الأقصى” يستعيد الفلسطينيون ومعهم كل العرب، ذكريات الجزائر قبل أن يصل الجزائريون إلى انتزاع استقلالهم بقوة المقاومة.
لقد دفع الجزائريون في تلك الثورة، ثورة الفاتح من نوفمبر 1954، أكثر من مليون ونصف شهيد، ودفعوا عبر ثوراتهم المتعدّدة منذ الاستعمار الفرنسي عام 1831، عشرة ملايين شهيد.
واليوم أيضاً تكتسب ثورة الجزائر معنى خاص كونها ممثل العرب في مجلس الأمن والأمم المتحدة، وقد لعبت دوراً هاماً في انتزاع كل تلك القرارات التي دعت إلى وقف إطلاق النار والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزّة.
تحية لثورة الجزائر، وتحية لمفجري هذه الثورة وقادتها التاريخيين الميدانيين، وتحية لشهداء هذه الثورة، وتحية لمواقف هذه الثورة، التي بقيت رغم كل الظروف ملتزمة بقضايا الأمّة وفي مقدمها قضية فلسطين بحيث أضحت نموذجاً يحتذى تلتف حوله كل قوى الإنسانية المؤمنة بالعدالة والسلام والتحرر من الاستعمار.