المعالم التاريخية اليمنية على قائمة التراث العالمي
جهود دولية وإقليمية لحل سياسي لأزمة اليمن
العلاقات مع المجر نحو مزيد من التقدم
أسئلة عدة يحملها الراغب بالحوار مع مسؤول يمني في المجر، لعل طغيان الحاضر وما يحمله من قضايا وشجون يؤكد على التذكير بحضارة اليمن وجذرها التاريخي الممتد.
هي مشاعر غطت اللقاء مع سعادة أحمد عبدالله ناجي سفير الجمهورية اليمنية في المجر.
الطابع العام الذي يستشعره كل من يعرف اليمنيين هو فطرتهم المجبولة بالطيبة والنخوة والإيثار، وهي قسمات رافقت تاريخهم و حاضرهم ويجب في سياق الأحداث المعاصرة ألا تحجب الرؤية عن أن اليمن قدم أرقى الحضارات الإنسانية التي خلدها التاريخ:
حضارة سبأ و ملكتها بلقيس، بل إن بعض المؤرخين ذهب إلى أن اليمنيين أصل العربي جميعاً.
الأجيال العربية التي نشأت على إقتران إسم اليمن بالسعيد على يقين أن اليمن سيظل يحمل في إرادة أبنائه ألق تاريخهم، فكما أدهش الأجداد العالم ببناء القصور على الجبال الشاهقة وزراعة المدرجات، وبناء سد مأرب الذي يعد أول سد في التاريخ الإنساني فإن حتمية التاريخ تقضي الى أن اليمن سيظل سعيداً.
وعلى هدى هذه الخلفية كان حوارنا مع سعادة سفير اليمن في المجر:
هل تعطينا فكره عن مسار عملكم الدبلوماسي؟
التحقت بالعمل بالسلك الدبلوماسي شاباً يافعاً في ثمانيات القرن الماضي وتدرجت في الوظائف والدرجات الدبلوماسية وصولاً إلى درجة السفير.
على مستوى العمل في البعثات اليمنية في الخارج كان اول تعيين لي في البعثة اليمنية في إندونيسيا وعملت لاحقا في بعثات بلادنا في كل من دمشق واسمرا وتونس وجميع هذه العواصم لها مكانة في القلب والذاكرة.
على مستوى ديوان الوزارة عملت في دوائر الوزارة السياسية والجغرافية وآخر عمل لي في ديوان الوزارة رئيساً لدائرة مكتب وزير الخارجية وذلك قبل تعييني رئيساً للبعثة في المجر
ما واقع العلاقات اليمنية المجرية وكيف تنظرون الى امتدادها التاريخي؟
ترتبط بلادنا بعلاقات تعاون مع المجر منذ ما قبل قيام الثورة اليمنية (سبتمبر وأكتوبر )، وتعززت أكثر في نهاية الخمسينات وأوائل الستينات من القرن الماضي وشهدت العلاقات الثنائية تطوراً مشهوداً له في سبعينات وثمانينات القرن الماضي في كافة المجالات وبالأخص في الجوانب الاقتصادية والصحية و البنى التحتية وتأهيل الكادر، وتبادل الخبرات.
هذه العلاقة التاريخية مستمرة وقد شهدت السنوات الأخيرة زيادة في عدد المنح الدراسية المقدمة من المجر لبلادنا وتبادل الدعم في العديد من المحافل الدولية بالإضافة الى زيارة رسمية لمعالي وزير الخارجية وشؤون المغتربين صيف العام الماضي، ونأمل ان تشهد المزيد من النمو في المستقبل القريب وان تلعب المجر دورا كبير في المساهمة في مرحلة إعادة إعمار اليمن نحن نؤمن بأنّ العلاقات اليمنية المجرية تتمتع بإمكانات كبيرة للتطور والازدهار في المستقبل. ونأمل أن تُساهم الجهود المشتركة في تعزيز هذه العلاقات وتوسيع آفاقها.
كيف هو واقع الجالية اليمنية في المجر؟
الجالية اليمنية في المجر هي جالية نوعية تتكون في الغالب من طلاب وأطباء ومهندسين ورجال أعمال. أغلبهم قدموا للدراسة ثم قرروا الاستقرار في المجر والعمل فيها لظروف مختلفة.
تتميز الجالية اليمنية كما هو حال كل اليمنيين في المهجر بالترابط الاجتماعي والتفاني في العمل.
ما الموقف من المناوشات في البحر الاحمر وباب المندب؟
يمكن تلخيص موقف الحكومة اليمنية من الأحداث في البحر الأحمر من خلال النقاط التالية:
1. إدانة هجمات الحوثيين: أدانت حكومة بلادنا بشدة هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر، واعتبرتها تهديدًا خطيرًا للأمن الملاحي الدولي وتهديدًا للاقتصاد العالمي، وحملت جماعة الحوثي مسؤولية تدهور الوضع الأمني في البحر الأحمر وعسكرته، وطالبت المجتمع الدولي بتحميلها مسؤولية أعمالها، وترى أن الاعمال التي تقوم بها جماعة الحوثي ليست الا لأغراض الدعاية والغرض منها الحصول على التأييد والتعاطف الشعبي محلياً وعربيا لمكانة القضية الفلسطينية في عقول وقلوب اليمنيين والعرب، وكل ما تقوم به ميليشيات الحوثي مجرد تنفيذ لأجندات خارجية لا تخدم القضية الفلسطينية وتعود بالضرر على الشعب اليمني والمنطقة.
2. التأكيد على سيادة اليمن على البحر الأحمر: أكدت الحكومة اليمنية على سيادتها الكاملة على مياهها الإقليمية في البحر الأحمر، وشددت على حقها في حماية أمنها وسلامة أراضيها.
طالبت الحكومة اليمنية المجتمع الدولي بدعم جهودها لضمان الأمن الملاحي في البحر الأحمر، ومنع أي تهديدات لسيادتها على مياهها الإقليمية.
3. الدعوة إلى حل سياسي شامل: أكدت الحكومة اليمنية على أن الحل السياسي الشامل هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع في اليمن، وضمان الأمن والاستقرار في المنطقة.
دعت الحكومة اليمنية المجتمع الدولي إلى الضغط على الحوثيين للانخراط في العملية السياسية والتوصل إلى حل سلمي للأزمة.
4. التأكيد على أهمية الملاحة البحرية: أكدت الحكومة اليمنية على أهمية الملاحة البحرية في البحر الأحمر بالنسبة للاقتصاد العالمي، وشددت على ضرورة ضمان حرية الملاحة في هذا الممر المائي الدولي.
طالبت الحكومة اليمنية المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته في حماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، ومنع أي تهديدات قد تؤثر على حركة التجارة العالمية.
5. تدين بلادنا العدوان الإسرائيلي الغاشم وحرب الإبادة التي تشنها دولة الاحتلال على الشعب الفلسطيني وترى أن الطريق الوحيد الى السلام يمر عبر تمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وإيقاف الغطرسة الإسرائيلية ومحاسبة جيش الاحتلال على الجرائم المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني.
ثمة مكانه مميزة لليمن وشعبها في يقين وأفئدة كل عربي، متى نرى الأمل واقعا أن يعود اليمن سعيدا كما هو متجذر في كيان كل عربي؟
إنّ شعور كل عربي تجاه اليمن وشعبها هو شعورٌ خاصٌّ لا يشبهه شعورٌ تجاه أيّ بلدٍ آخر. فاليمن هي مهد الحضارة العربية، وشعبها شعبٌ كريمٌ مضيافٌ، وطيبٌ أصيلٌ.
لقد عاش اليمنيون خلال السنوات الماضية ظروفًا صعبةً للغاية بسبب الحرب والصراعات. فقد تسببت هذه الظروف في معاناةٍ إنسانيةٍ كبيرةٍ، وتهديدٍ للأمن والاستقرار في المنطقة.
ولكن، على الرغم من كلّ هذه التحديات، لا يزال الأمل موجودًا في عودة اليمن سعيدةً كما كانت. فهناك جهودٌ دوليةٌ وإقليميةٌ تبذل من أجل الوصول إلى حلٍّ سياسيٍّ شاملٍ للأزمة اليمنية.
إنّ عودة اليمن سعيدةً تتطلب تعاونًا من جميع الأطراف. فهناك حاجةٌ إلى تضافر الجهود من أجل إنهاء الحرب، وإعادة إعمار اليمن، وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
وهناك أيضًا حاجةٌ إلى دعمٍ من المجتمع الدولي من أجل مساعدة اليمن على تجاوز هذه الأزمة.
إنّ عودة اليمن سعيدةً ليست حلمًا بعيد المنال، بل هي هدفٌ يمكن تحقيقه من خلال العمل الجاد والتعاون.
ما المعالم التاريخية التي تزخر بها اليمن وهل تأثرت في المعارك الداخلية والقصف الخارجي؟
تُعدّ اليمن من أقدم الحضارات في العالم، وتزخر بالعديد من المعالم التاريخية والأثرية الفريدة.
ومن أهم هذه المعالم:
- مدينة صنعاء القديمة: هي عاصمة اليمن القديمة، ويُطلق عليها “مدينة السلام” و”المدينة القديمة المسورة”. وهي من أقدم المدن المأهولة في العالم، وتضم العديد من المساجد والأسواق والقصور القديمة.
- مدينة شبام: تُعرف باسم “مانهاتن الصحراء” و”مدينة ناطحات السحاب الطينية”. وهي مدينة تاريخية تقع في محافظة حضرموت، وتُشتهر ببيوتها الطينية العالية التي تُشبه ناطحات السحاب.
- مدينة زبيد: هي احدى عواصم اليمن القديمة، وتضم العديد من المساجد والآثار القديمة، مثل مسجد الأشراف وقلعة زبيد.
- سد مأرب: هو أحد أقدم السدود في العالم، ويُعدّ رمزًا للحضارة اليمنية القديمة.
- معبد براقش: هو معبد وثني قديم، ويُعدّ من أقدم المعابد في العالم.
- جزيرة سقطرى: بالرغم من وقوعها خارج دائرة الحرب المباشرة الا انها نالت حظها من الاضرار المتصلة بالحرب حيث تراجعت السياحة في الجزيرة ما أدى الى التدهور الاقتصادي والبطالة بالإضافة الى الأضرار البيئية وتدهور الخدمات.
- العمارة اليمنية: هناك تفرد فني في العمارة اليمنية جاذبة للسياح من مختلف أنحاء العالم وبدرجة كبيرة من الدول الأوروبية.
تأثرت العديد من هذه المعالم التاريخية بشكل كبير بفعل الحرب التي اشعلتها ميليشيات الحوثي وجرت الدمار على عموم البلاد.
ومن أهم هذه الأضرار:
- انهيار العديد من المباني القديمة في مدينة صنعاء القديمة.
- تدمير أجزاء من مدينة شبام، بما في ذلك العديد من بيوتها الطينية.
- تضرر مسجد الأشراف وقلعة زبيد في مدينة زبيد.
- تعرض سد مأرب للقصف، مما أدى إلى إلحاق أضرار جسيمة به.
- تدمير معبد براقش بشكل شبه كامل.
وتُعدّ هذه الأضرار خسارة كبيرة للتاريخ اليمني والحضارة العربية.
وهناك العديد من الجهود التي تُبذل من أجل ترميم هذه المعالم التاريخية والحفاظ عليها للأجيال القادمة.
فمن أهم هذه الجهود:
- عمل منظمة اليونسكو على إدراج العديد من المعالم اليمنية على قائمة التراث العالمي.
- قيام العديد من المنظمات الدولية بتقديم المساعدات المالية لليمن من أجل ترميم المعالم التاريخية المتضررة.
- تطوع العديد من اليمنيين للمشاركة في ترميم المعالم التاريخية في بلادهم.
إنّ الحفاظ على المعالم التاريخية في اليمن هو مسؤولية الجميع.
فمع العمل الجاد والتعاون، يمكننا أن نُحافظ على هذه الكنوز الثمينة للأجيال القادمة.
كيف تصف سنوات عملكم في المجر وما الكلمة التي تود توجيهها للجالية العربية واليمنية من خلال موقع الدانوب الأزرق؟
بدأت العمل في المجر منذ عام 2019، وخلال هذه السنوات، تعلمت الكثير عن هذا البلد الجميل الغني بالتنوع الثقافي والتاريخ العريق وشعبه المضياف.
وبالرغم من صعوبة المرحلة على صعيد الوضع في بلادنا وعلى صعيد التوترات في المنطقة الأوروبية وما سبقها من اغلاق خلال ازمة كوفيد 19 الا انني وجدت تعاونا كبيرا من جميع الجهات المجرية ذات العلاقة في سبيل الدفع بالعلاقات بين بلدينا نحو المزيد من التقدم والتعاون.
أود أن أوجه كلمة إلى الجالية العربية واليمنية في المجر من خلال موقع الدانوب الأزرق:
- أولاً، أُشجعكم على المشاركة في الحياة الاجتماعية والثقافية في المجر. فهناك العديد من الفرص للتفاعل مع المجتمع المحلي والتعرف على الثقافة المجرية.
- ثانياً، أُنصحكم بتعلم اللغة المجرية. فهذا سيساعدكم على التواصل مع الناس بشكل أفضل وتسهيل حياتكم في المجر.
- ثالثاً، أُشجعكم على التعاون مع بعضكم البعض ودعم بعضكم البعض. فالجالية العربية واليمنية في المجر هي عائلة واحدة، ويجب أن نتكاتف من أجل تحقيق أهدافنا.
- رابعاً، أُنصحكم بالحفاظ على هويتكم العربية والثقافية. فهذا أمرٌ مهمٌ للحفاظ على تراثنا وتاريخنا.
- خامساً، أُشجعكم على الانخراط في الأنشطة التي تُنظم من قبل الجالية العربية واليمنية. فهذه الأنشطة تُساعدنا على البقاء على اتصال مع بعضنا البعض وتعزيز شعورنا بالانتماء.
د. عبد المنعم قدورة