شهدت القارة الأوروبية “لحظة فارقة” في تاريخها في العشرين من ديسمبر الماضي بعد أن توصل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق سياسي بشأن إصلاح واسع لنظام الهجرة واللجوء، ينهي أكثر من سبع سنوات من المفاوضات المشحونة حول كيفية تشديد النظام وتقاسم المسؤولية، وفي الوقت ذاته، أقر البرلمان الفرنسي تشريعا جديدا بشأن الهجرة، بموجبه سيتم تشديد شروط استقبال الأجانب في فرنسا، الأمر الذي أثار جدلا واسعا في فرنسا ما بين ارتياح اليمين المتطرف، والذي اعتبر الخطوة بمثابة انتصار أيديولوجي، وانزعاج اليسار والخضر ويمين الوسط من أن القانون سيضر بالمهاجرين غير النظاميين.
ثمة دلالات تشير إلى أن الاتفاق السياسي الأوروبي سوف يقود أوروبا نحو المزيد من تشديد قوانين الهجرة واللجوء، وبالتالي، تشديد الإجراءات الأمنية على الحدود الأوروبية، ويتضمن الاتفاق الأوروبي الجديد سلسلة من النصوص تقضي بالمزيد من مراقبة عمليات وفود المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي، فمن خلال هذا الاتفاق، سوف تتم إقامة مراكز مغلقة بالقرب من الحدود الخارجية للاتحاد لإعادة الذين تُرفض طلباتهم للجوء بسرعة أكبر، وبمقتضى هذا الاتفاق سوف يقوم الاتحاد الأوروبي بزيادة جهوده في مجال حماية الحدود وتكثيف التعاون مع دول ثالثة، وبالتالي، ضمان الأمن على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي.
وكانت المشكلة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي هي اختلاف تعريف “آلية التضامن” من حكومة إلى أخرى، وكذلك تباين وجهات النظر بشأن المحاصصة في توزيع اللاجئين بين الدول الأعضاء، إلا أن الاتفاق الجديد يقضي بحزمة من التدابير التي من شأنها أن تنشئ إطارا مشتركا للتعامل مع اللاجئين، إذ ستكون المعايير أكثر صرامة وموحدة لتسريع عمليات اللجوء في جميع بلدان التكتل القاري، بدلا من المماطلة والتأخر بسبب تباين السياسات الحكومية.
ولا يؤدي الاتفاق إلى إصلاح كبير في نظام دبلن، الذي ينص على أنه يجب على الأشخاص طلب الحماية في الدولة التابعة للاتحاد الأوروبي التي يدخلونها أولا، مما يضع عبئا أكبر على دول مثل إيطاليا واليونان. وبدلا من اشتراط نقل طالبي اللجوء من بلدان الجنوب إلى بلدان الشمال التي يقل عدد الوافدين إليها، فإن هذا النقل سيصبح الآن طواعية، إذ يمكن للدول الأعضاء التي ترفض استقبال المزيد من المهاجرين أن تدفع بدلا من ذلك تعويضات مالية، إما إلى دولة عضو تستضيف أعدادا أكبر أو إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي تدعم الجهود الرامية إلى الحد من تدفقات الهجرة.