سجلت الأيام الأخيرة من شهر مارس 2025 رحيل المؤرخ العراقي فاضل الربيعي أحد أبرز قرّاء التاريخ العربي القديم وقد سبقه صنوه في تلك القراءة الدكتور كمال الصليبي الذي رحل عام 2011 تاركاً إرثاً غنياً في القراءة التاريخية المغايرة لما هو ساري وسائد.
انخرط الربيعي المولود في بغداد بالعمل السياسي والصحافي منذ بدايات السبعينيات.
لم تنل تجربة الربيعي السردية حظّها من الاهتمام فلا يمكن موضعتها ضمن تجارب الساردين العراقيين في السبعينيات والثمانينيات، وهو ما قد يفسّر توجهه نحو دراسة التاريخ القديم وميثولوجيا حضارات المنطقة العربية في التسعينيات، وشكّل كتابه “الشيطان والعرش – رحلة النبي سليمان إلى اليمن” محطّة بارزة لتقديم رؤيته نحو إعادة قراءة الأسطورة ودلالاتها الرمزية التي استقرت صورةً نهائيةً حول تاريخ اليمن في حقبة ما، واقتراحه ترشيدها من خلال إقصاء الخيال منها لصالح الواقع والحقيقة.
وضع الراحل العديد من الكتب منها “أسطورة عبور الأردن وسقوط أريحا”، و”مصر الأخرى: إسرائيل المتخيلة، مساهمة في تصحيح التاريخ الرسمي لمملكة إسرائيل القديمة”، و”يهوذا والسامرة البحث عن مملكة حمير اليهودية”، و”الذاكرة المنهوبة: علم الآثار التوراتي وتزوير تاريخ فلسطين والشرق الأدنى القديم”، و”إرم ذات العماد؛ من مكة إلى أورشليم -البحث عن الجنة”، و”المسيح العربي، النصرانية في الجزيرة العربية والصراع البيزنطي الفارسي”، و”أبطال بلا تاريخ – الميثولوجيا الإغريقية والأساطير العربية”، و”الرومان ويهود اليمن.. لغز الهيكل الثاني”، وغيرها.
ومثلما أثارت مؤلفاته جدلاً وردود أفعال في الحياة الثقافية والإعلامية فقد سجل تاريخ الدراسات العربية وضعاً مماثلاُ في مؤلفات المؤرخ والباحث اللبناني كمال الصليبي والذي يعد أحد أبرز المؤرخين العرب ممن بحثوا في تاريخ لبنان والمنطقة العربية وتاريخ الديانات.
ووقف الصليبي وراء العديد من المراجع التاريخية المهمة ومن أبرزها كتابه “تاريخ لبنان الحديث”، كما أثارت بعض كتبه الكثير من الجدل كما هي الحال مع كتابه “التوراة جاءت من جزيرة العرب”. حيث طرح الصليبي نظريات جديدة بشأن جغرافية التوراة تخالف الاعتقاد السائد بشأن الجغرافية الحالية.
واستند في نظريته الى بحوث في الجغرافيا اللغوية وفي الآثار جعلته ينسب الكثير من مواقع احداث العهد القديم إلى مناطق واقعة في جنوب غرب الجزيرة العربية.