يحمل التاريخ العربي المعاصر أسماء رموز علمية وأدبية عربية حضرت في الواقع العربي وعرّفت العالم بجنوح المجتمعات العربية إلى الألق العلمي والفكري.
في هذه السلسلة ستقوم الدانوب الأزرق بعرض لهذه الرموز العربية التي لم تأخذ حقها في المعرفة في لجة مايموج من أحداث وتباينات في العالم العربي.
جبران خليل جبران - لبنان
فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني أمريكي، ولد في يناير 1883 في لبنان وتوفي في نيويورك عام 1931 بداء السل. اشتهر جبران في العالم الغربي بكتابه الذي نشره عام 1923 وهو كتاب النبي، جبران هو الشاعر الأكثر مبيعاً بعد شكسبير ولاوزي أسس جبران خليل جبران الرابطة القلمية مع ميخائيل نعيمة وعبد المسيح حداد ونسيب عريضة. كانت أمنيتة أن يُدفن في لبنان،و تحققت هذه الأمنية في عام 1932. دفن جبران في صومعته القديمة في لبنان, التي عرفت بعد ذلك باسم متحف جبران. مؤلفاته العربية: دمعة وابتسامة الأرواح المتمردة الأجنحة المتكسرة العواصف رواية البدائع والطرائف مقالاته: الأرض عرائس المروج نبذة في فن الموسيقى المواكب مؤلفاته الاجنبية: النبي المجنون رمل وزبد يسوع ابن الانسان حديقة النبي أرباب الأرض.
طه حسين – مصر
عميد الأدب العربي الحديث ورائد التنوير طه حسين، وُلِد في محافظة المنيا بصعيد مصر في 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 1889. كان ترتيبه السابع بين ثلاثة عشر طفلًا في أسرةٍ من الطبقة المتوسطة. أُصيب في سنٍ مبكرةٍ جدًا بعدوى في العين، وبسبب سوء التعامل مع حالته وعدم تلقي العلاج اللازم أُصِيب بالعمى وكان عمره ثلاث سنوات فقط.
يُعَدُّ عَلَمًا من أعلام التنوير والحركة الأدبية الحديثة، امتلَكَ بَصِيرةً نافذة وإنْ حُرِم البصر، وقاد مشروعًا فكريًّا شاملًا، استحقَّ به لقبَ «عميد الأدب العربي»، وتحمَّلَ في سبيله أشكالًا من النقد والمُصادَرة.
في عام 1926 ألّف طه حسين كتابه المثير للجدل «في الشعر الجاهلي» وعمل فيه بمبدأ ديكارت وخلص في استنتاجاته وتحليلاته أن الشعر الجاهلي منحول، وأنه كتب بعد الإسلام ونسب للشعراء الجاهليين. تصدى له العديد من علماء الفلسفة واللغة ومنهم: مصطفى صادق الرافعي والخضر حسين ومحمد لطفي جمعة والشيخ محمد الخضري ومحمود محمد شاكر وغيرهم. كما قاضى عدد من علماء الأزهر طه حسين إلا أن المحكمة برأته لعدم ثبوت أن رأيه قصد به الإساءة المتعمدة للدين أو للقرآن. فعدل اسم كتابه إلى «في الأدب الجاهلي» وحذف منه المقاطع الأربعة التي اخذت عليه.
أثرى المكتبةَ العربية بالعديد من المؤلَّفات والترجمات، وكان يكرِّس أعمالَه للتحرُّر والانفتاح الثقافي، مع الاعتزاز بالموروثات الحضارية القيِّمة؛ عربيةً ومصريةً. وبطبيعة الحال، اصطدمت تجديديةُ أطروحاته وحداثيتُها ببعضِ الأفكار السائدة، فحصدت كبرى مُؤلَّفاته النصيبَ الأكبر من الهجوم الذي وصل إلى حدِّ رفع الدعاوى القضائية ضده. وعلى الرغم من ذلك، يبقى في الذاكرة: «في الأدب الجاهلي»، و«مستقبل الثقافة في مصر»، والعديد من عيون الكتب والروايات، فضلًا عن رائعته «الأيام» التي روى فيها سيرته الذاتية.
علي الوردي – العراق
علي الوردي هو عالم اجتماع عراقي، وأستاذ ومؤرخ عُرف بتبنيه نظريات حديثة تُحلّل الواقع الاجتماعي العراقي. استخدم تلك النظريات بغرض تحليل بعض الأحداث التاريخية، كما فعل في كتاب «وعاظ السلاطين». وهو من رواد العلمنة في العراق.
هو علي حسبن محسن عبد الجليل الوردي، وُلد في 23 تشرين الأول/ أكتوبر في مدينة الكاظمة ببغداد عام 1913، في عائلة بسيطة توارثت العمل في تقطير الورد.
يعدّ علي الوردي أول مؤسسي علم الاجتماع في الوطن العربي، وتظهر عبقريته بأنه أعاد اكتشاف منطق ابن خلدون وعمد إلى استخدامه ليتحرر من أغلال الفكر الكلاسيكي، معتمداً على أهم المدارس الفلسفية والاجتماعية، حيث أسس مدرسة في البحث الاجتماعي، عمادها استنتاج مفاهيم نظرية مبنية على الاستقراء والتحليل، وبذلك بدأت ثورته على أصحاب المنطق التقليدي، حيث دعا إلى إنشاء علم اجتماع عربي يخضع للمنهج التجريبي بعيداً عن العواطف والوعظ المجرد.
لم تقتصر إبداعات علي الوردي على مجال دراسته فقط، إنما أبدع في الفلسفة والعلوم التطبيقية والفيزياء، وتميّز بقدرته على تبسيط الأفكار وإيضاحها، عندما أنشأ منطق الصيرورة التاريخية، معتمداً فيه على نظرية فرويد الجنسية ونظرية هيجل الجدلية ونظرية ماركس المادية.
ساهم على الوردي في إعادة قراءة الأحداث الإسلامية بنظرة واقعية موضوعية بعيدة عن المثالية وعن التحيّز للأحداث التي حصلت في التاريخ الإسلامي، كالصراع السني الشيعي وتداعياته التي ما زال المجتمع العربي يتجرع مرارتها، فدعا في منشوراته إلى نبذ الخلاف الطائفي لأن الزمان أكل وشرب على هذا التاريخ، توفي في 13 تموز 1995
إدوارد سعيد – فلسطين
إدوارد سعيد باحثٌ وكاتبٌ فلسطيني حاملٌ للجنسية الأمريكية، وهو مُفكرٌ أدبي وأكاديمي كتب عدة كتبٍ حول النقد الأدبي والنقد الموسيقي وقضايا ما بعد الاستعمارية.
كان أكثر المدافعين عن الحقوق الفلسطينية تأثيراً في الولايات المتحدة، وقد شارك في مظاهراتٍ من أجل الحقوق السياسيّة واستقلالية الفلسطينيين. تمت تسميته باسم “الصوت الأكثر قوة” لأجل الفلسطينيين.
عمل كأستاذٍ جامعي للغة الإنجليزية والأدب المقارن في جامعة كولومبيا لمدة 40 عامًا، واشتُهر بتأليفه كتاب Orientalism الاستشراق عام 1978 الذي يتم تدريسه في جامعات عدة. تحدث في كتابه عن افتراضات العالم الغربي التي تؤدي إلى سوء فهم رموز حضارة الشرق، خصوصًا الشرق الأوسط. تُرجم الكتاب إلى عدة لغات.
وضع سعيد أيضًا نظرياتٍ في الموسيقى وألف عدة كتبٍ عنها. وقد أظهر إدوارد اهتمامًا بالسياسة وعمل كعضوٍ مستقل في المجلس الوطني الفلسطيني.
كان عازف بيانو بارعاً، وقام مع صديقه دانييل بارينبويم بتأسيس أوركسترا الديوان الغربي الشرقي سنة 1999 وهي مكونة من أطفالٍ فلسطينيين وإسرائيليين وعربٍ من دول الجوار، ومشاركةً مع بارينبويم أيضاً نشر سنة 2002 كتاباً عن محادثاتهم الموسيقية المبكرة بعنوان «المتشابهات والمتناقضات: استكشافات في الموسيقا والمجتمع». بقي إدوارد سعيد نشطاً في مجالات اهتمامه حتى آخر حياته وتوفي بعد نحو عشرة أعوامٍ من الصراع مع مرض اللوكيميا leukemia سنة 2003.
سعد الله ونوس – سوريا
ولد الكاتب المسرحي السوري سعد الله ونوس في سوريا عام 1941 في منطقة ريفية فقيرة في الساحل السوري، تابع دراسته في ثانوية طرطوس ومن ثم حصل على منحة لدراسة الصحافة في جامعة القاهرة. اهتم بالمسرحيات التي تتناول المشاكل الاجتماعية والسياسية في الوطن العربي أصيب بخيبات أمل كبيرة بعد نكسة 5 حزيران بالإضافة إلى حرب الخليج عام 1990، تم تشخيص مرض سرطان البلعوم من قبل الأطباء والذين توقعوا أن المرض سوف ينهي حياة ونوس خلال ستة أشهر لكنه صارع المرض لخمس سنوات وهو لا يزال يكتب، عاد مرض السرطان للظهور منهياً حياة المسرحي العالمي عام 1997.
وفي حوار معه عام 1979 شرح ونوس ما كان يقصده بمسرحيته الشهيرة «حفلة سمر لأجل 5 حزيران»: «حين عرضت المسرحية بعد منع طويل، كنت قد تهيأت للخيبة، لكن مع هذا كنت أحس مذاق المرارة يتجدد كل مساء في داخلي وينتهي تصفيق الختام. ثم يخرج الناس كما يخرجون من أي عرض مسرحي، يتهامسون، أو يضحكون، أو ينثرون كلمات الإعجاب. ثم ماذا؟ لا شيء آخر. أبدًا لا شيء.. لا الصالة انفجرت في مظاهرة ولا هؤلاء الذين يرتقون درجات المسرح ينوون أن يفعلوا شيئًا إذ يلتقطهم هواء الليل البارد عندما يلفظهم الباب إلى الشارع حيث تعشش الهزيمة وتتوالد».
عام 1997 طلبت اللجنة المنظمة لجائزة نوبل للآداب من إدارة اليونسكو للتربية والثقافة والعلوم إبلاغ المسرحي الكبير سعد الله ونوس بنيله جائزة نوبل للآداب وذلك عن ترشيح المجمع العلمي بحلب- سورية ثم أجمعت على صحة الترشيح الأكاديميتان الفرنسية والسورية، لكن الموت غيّب ونوس قبل أيام قليلة من هذا الخبر فلم ينل الجائزة، رحل ونوس في 15 أيار/مايو 1997، مخلفًا إرثًا كبيرًا من المسرحيات والروايات والقصص القصيرة التي ترجم الكثير منها إلى عدة لغات حول العالم.